بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة
والسلام على راكب البراق وصاحب المعراج ومخترق السبع الطباق, صلاة عدد
قطرات المطر وحبات الرمل وعدد من ذكره الذاكرون وغفل عنه الغافلون, عليه
وعلى آله واصحابه المكرمون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقدمة ..
كوكب ازرق, تميز عن باقي الكواكب في هذه المجرة ليكون هو ذاك الكوكب الصغير الذي يحوي الملايين بل المليارات ومئات المليات من الكائنات والمخلوقات منها ماهو صغير لا يكاد يرى بالعين المجردة, والاخر كبير - مقارنة بنا - .
ومثل هذا الكوكب المتميز عن اقرانه من الكواكب وحتى النجوم , كذلك الانسان تميز عن باقي اقرانه من المخلوقات من الحيوان والنبات والجن والملائكة , بل لربما هو الكائن الوحيد الذي أُعطي له الاذن في السجود له تكريما له .
ابنائي وبناتي ,
جميعنا لا نختلف على تميز الانسان عن باقي اقرانه, ولكن لعلي اختلف معكم عن استمرارية استحقاقه لذلك التميز في الوقت الحاضر - ليس اعتراضا على امر الله, بل استحقاقا عما فعله خلال الاف السنين التي مضت ! -
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سنين مضت !
بعد خلق الله لادم, ومن ثم تناسل ذريته من بعده الى اليوم ,
ونظرنا في التاريخ البشري لوجدنا ان هناك قسمين من الناس
الاول : طيب القلب صحيح التفكير
وقد نجسده في صورة ابن ادم ( هابيل ) , الذي كان طيب القلب صحيح التفكير , عمل بما وجده صحيحا في اتباع امر الله دون غش ولا فساد والذي لم يكن يعرفها انذاك .
هذه الفئة من الناس تجدهم على نياتهم, على فطرتهم التي خلقها الله فيهم, هؤلاء ان وضعوا في وسط الصحراء القاحلة لانبتت لاهم الارض النبات وفجرت السماء لهم ابوابها بماء طيب مبارك يستحقوه دون فعل شيء , فطيب النية لوحدها قد تكون كافية .
اقترب من هذه الفئة من الناس, فإن وجودهم في حياتك كنز لا يمكن تعويضه .
ووجوك حول هذه الناس هو بحد ذاته راحة وسعادة, فيكفي انك تكون واثق حق الثقة انك ان لم تنال منهم خيرا فلن تنال منهم شرا ابدا - ان شاء الله - .
الثاني : خبيث القلب سيء التفكير
اما هذا فسنجسده في صورة ( قابيل ) , الذي عرفنا عنه خبث قلبه وسوء تفكيره وبشاعة تصرفاته , لم يقتنع بما رزقه الله ولم ينظر اليه نظرة شكر, بل طمع بالمزيد, اراد ما هو له ولغيره , اوجد الشر والحقد والضغينة والحسد والقتل من لاشيء ليكون هو اول من اوجدها وهو يحمل اثما منها .
هذه الفئة من الناس تجده اينما حل وقع الفساد, ان ذهب الى الغابة المطيرة لجفت واجدبت, ليس بسبب سوء نيته ! , بل بسبب خرابه وفساده فيها , لن يكتفي بتخريبها فقط , بل بتخريبها ثم تخريبها من بعد الخراب ليطمئن ان ما بعد الخراب الا خرابا يفوقه خراب !
هذه الفئة بمجرد ان تعرفهم ادع الله ان يكفيك شرهم, فصدقا لا اعلم ما الذي ستكون عليه تصرفاتهم نحوك !
ومن المستحيل ان يجتمع الراحة والسعادة وهذه الفئة مع بعض, فمجرد معرفتك بهم اما ان تنال من خبث نواياهم وسواد قلبهم , او ان تكون دائم الوقت قلق التفكير حيال تصرفاتهم نحوك .. لا راحة بوجودهم بقربك, وان كنت تعرف احدا فنصيحتي لك ابتعد فالصحبة الخيرة خيرها بالدنيا وعنده .
همسة : من فضل الله علينا ان النية الطيبة قد تكون سبب في جلب الخير لنا وتصلح القلب, بعكس النية الفاسدة التي ان بقيت في قلب صاحبها فلن تزيده الا خسارا ومرضا عضويا ونفسيا وسينتشر سوادها في كامل القلب والجسم لتسبب له مشاكل كثيرة !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما بعد .. سنين مضت !
توالت الاجيال واختلفت الحضارات بعد ان كانت حضارة واحدة - حضارة ادم - , اختلفت الاعراق والصفات, اتت ازمنة انتصر فيها عرق هابيل, وازمنة اخرى سيطرت فيها عرق قابيل , الى ان جاء الاسلام .
جاء الاسلام ليسود العرق المحمدي الهابلي , اتى بمفهوم جديد اسمه " الشمائل المحمدية " لينهي عصر الصراع بين الهابليين والقابليين .
انتشر الاسلام ونشر معه الاخلاق قبل الدين, نشر المحبة والاخاء , نشر ان من فعل خير وعلمه لغيره فأجر ذلك الخير سيعود لمن علمه ولاول شخص فعله , اتى ليضيف السعادة في حياتك دون ادنى جهد منك, علمك القناعة والرضا فيما كسبت ونلت, لم يكن فقط مجرد دين, بل هو مجموعة شاملة ومتكاملة من الاخلاق والاشياء الجيدة والحميدة والرائعة ان فهمته بمفهومه الحقيقي كما جاء به ! .
ومرت السنين ولا زال الاسلام في انتشار وازدهار, يحمل رحيق اخلاقه اينما ذهب, وينشرها اينما حل , وبقي كذلك .. حتى !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقارنة بين تطور الحاضر و بساطة الماضي
بقي كذلك حتى وصل فيه الى هذا الزمان , الذي لا يكاد نجد فيه منزلا لا يشكو من هما اصابه, او حزنا في قلبه , او تعاسه اصابت حياته رغم كل النعيم الذي يعيشه !
- حتى اصبح الظالم يدعي الظلم عليه , والمظلوم يعامل معاملة الظالم !
- حتى اصبح الغني يبحث عن البساطة , والبسيط يبحث عن المال , ولا قناعة لكل منهما عما يبحث !
- حتى اصبح الكبير يأكل الصغير حتى وان كان من بني عشيرته, فالحياة علمته ان لا احدا يستحق الايثار, وتناسى اخاء المهاجرين والانصار !
- حتى اصبح ان نطق الصالح بالخير اتهم بالكذب والعار وتكون دائرة السوء عليه, وان نطق الفاسق الفاجر فرأيه سديد وكلامه مسموع والطاعة له !
- حتى اصبح ان رأينا انسان جائع عار يطلب الستر والطعام وبخناه بعدم الاحتشام , وزكاة اموالنا تذهب لمن نحب حتى وان كان يملك مثل ما نملك بأضعاف - عمل الخير اصبح بالمزاجية - وتناسينا عصر الامام العادل الذي عم الخير ولم يبقى في عهده من جائع او فقير او محتاج حتى اصبحت زكاة الاموال توزع على الطير في بلاده !
والقائمة طويلة التي تبدأ بـ " حتى " , وهيات ان نجد ما نفع منها او جلب منفعة لنا !
وحقا .. هيات على زمن ان غاب الجار يومين سُئل عن غيابه, وان جاع الغريب اطعمناه دون علمه ,
والخير كان يسود الارجاء من اطراف العالم الى سيناء !
أقد يجتمع تطور الحاضر مع بساطة الماضي ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هنا الراحة ,, هنا السعادة ..
السعادة والراحة , ليست بعيدة .. انها في قلبك
خلال سنوات عمري سألت الكثير سؤالا لم يجبني احد عنه بـ"نعم", ولأكون اكثر صراحة " نعم " بدون " لكن " او "بدون" او "مع" او غيرها من الكلمات التي ترافق " نعم"
السؤال هو : " هل انت سعيد في حياتك ؟, هل انت حقا حقا مرتاح في حياتك رغم كل صعابها ؟, هل تتقبل وترضى بكل شيء يحدث بكامل قناعتك ولانه من عند الله وليس لان ما باليد حيلة لتغيره ؟ "
لا اعلم اين التعقيد والصعوبة في السؤال , ولكن كل ما اعرفه هو انه من اصعب الاسئلة التي قد سُئلت يوما للاخرين .
ابنائي ..
السعادة والراحة الحقيقة هي في قلوبنا, ليس كل مسلم هو سعيد ومرتاح في حياته, بل كل مؤمن سعيد ومرتاح في حياته, وكل محسن هو الاسعد والاكثر راحة وجمالا في حياته , وكُلاً حسب مرحلة اسلامه يجد سعادته ( الاسلام - الايمان - الاحسان )
ولتجد طريقة السعادة , اتبع اثرها وجد خطاها, غير نواياك لتكون هي المفتاح والسبب ,
- الله .. , ليكن الله هو اول الاوليات في حياتك, في صحواك ونومك, في ليلك ونهارك, في عملك وفراغك, في مرضك وصحتك, ليكن اسمه هو الذي يتردد على لسانك قبل النوم , وطوال اليوم, وبعد القيام من النوم لتستشعر معنى السعادة والراحة, لتستشعر انه بجانبك ولن يتركك وحيدا ابدا .
- الظلم, محرم على رب العباد, لن تجد الراحة والسعادة يوما وانت تظلم !
- الصلاة , لن تجد لذة في الصلاة وانت تصليها دون التدبر في اياتها او التمهل في الركوع والسجود, او التأمل في الدعاء , لن تجد السعادة والراحة في صلاتك السريعة, وفي الحقيقة هذه الصلاة ليس اسمها "صلاة" ولا باي شكل من الاشكال , تدبرها وتدبر الاله الذي تصلي له لتفهم ما اقصده وما اتحدث عنه وتجد الراحة والسعادة في الصلاة وتعرف ماذا يقصد بقوله " ارحنا بها يا بلال " !
- القدر بالخير والشر, ان تؤمن بالقضاء والقدر ليس لان لا قدرة لك على تعديله, بل لانه من عند الله الذي سلمته امرك سالما مستسلما له وقد رضيت بكل ما اعطاك .. ارضى بالقدر لانه من عند الله وستستشعر الراحة والسعادة ولو بعد حين .
- الغيب , لا تقلق بأمر مستقبلك, فالله يعلم الغيب, وطالما وكلت مستقبلك لعالم الغيب فثق ان ما يحدث غدا هو الخير لك بإذنه, لا تقلق ابدا بشأن الغد البعيد , فقط ارسم احلامك واعمل بالاسباب لتصل اليها وادع الله بتحقيقها وستشعر بالراحة والسعادة .
- كل شيء , كل شيء بأمر الله, لم ولن يحدث الا بأمر منه, الا ان يقول له "كن" , كل شيء سواء كان سعيد ام تعيس, كل شيء كان جميل او قبيح , كل شيء, وبدون اذنه لن تأتيك مضرة او تصيبك منفعة ابدا , فمهما اصابك ارفع يديك واخفض عينك وقل " الحمدلله والشكر لله " من قلبك ولانها من عند الله , ففيها ستشعر بالراحة والسعادة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ارجو ان تكون كلماتي كالعلاج البلسمي الذي ان وقع على جرح فسوف يكون سبب بمعافاته, وان وقع على قلب اخذ ما ينفعه منه ودعا بما هو خير لي وللاسلام والمسلمين وكل شخص هابلي او محمدي .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق